الظاهر بيبرس(فاتح عكا)
الظاهر بيبرس
موقع معلومات قيمة
هو ركن الدين بيبرس البندقداري”، الذي لقب بـ “سلطان مصر والشام”، ورابع سلاطين الدولة المملوكية ومؤسسها الحقيقي، بدأ مملوكًا يُباع فى أسواق بغداد والشام، وانتهى بهِ الْأَمْرُ كَأحد أعظم السلاطين في العصر الإسلامي الوسيط لقبه الملك الصالح أيوب في دمشق بـ ركن الدين، وبعد وصوله للحكم لقب نفسه ب”اللك الظاهر”.
ولد بيبرس عَامَ ٦٢٠هـ / ۱۲۲۳م منْ أَصْلِ تُرْكي من بلاد ” الْقَبْجَاقِ” ( كازاخستَانَ حَاليًا) وقع فى أسر المغُول وَهُوَ فِى الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ مِنْ عمره،وتم بيعه فى أسواق الرقيق بدمشقَ فَاشْتَرَاهُ الأمير “علاء الدِّينِ الْبِندِقْدَارِيُّ، وَلِذَا سَمَى بِيبَرْسُ بِـ ” الْبَندِقْدَارِى”.
ثُمَّ انتقل إلى خدمة الملك الصالح نَجْمِ الدِّينِ أَيُّوبَ سُلْطَانِ مِصْرَ الَّذِي أَعْتَقَهُ وَجَعَلَهُ مِنْ جُمْلَة مَمَاليكه، ثُمَّ وَلَاهُ رِئَاسَةَ إِحْدَى فِرَقِ حَرَسِهِ الْخَاصُ وَرَقَاهُ قائدا لفرقة المماليك لَمَا رَأَى مِنْ شَجَاعَته وفروسيته وإقدامه وشخصيته القوية.
برز بيبرس بشكل كبير عندَمَا قَادَ جَيْشَ الْمماليك في مَعْرَكَة المنصورة ضد الصليبيين فى رَمَضَانَ مِنْ عَام ٦٤٧ هـ / ١٢٤٩م، فقد شن الفرنجة الصَّليبيون هُجُومًا مُبَاعْتَا عَلَى الْجَيْش المصرى مما تسبب بمقتل قائد الجيش المصرى فخر الدين بن الشَّيْخ”، فَارْتَبَكَ الْجَيْش، وكاد ينْهَرْمُ، إلا أنّ القائد الجديد “بيبَرْسَ” وَضَعَ خَطَةَ عسكرية مُحْكَمَةَ أدَّتُ إلى هزيمة الفرنج في مَعْرَكَةِ المَنْصُورَة، وَتَم أَسْرُ قائدهم الملك الْفَرَنْسى لويس التاسع” وَحَبْسه فى دارابن “لقمان”.
وَقُتِلَ السُّلْطَانُ عِزُ الدِّينِ أَيْبَكُ عَلَى يَدِ شَجَرِ الدُّرِّ الَّتِي قُتِلَتْ هيَ أَيْضًا عَلَى يَد الزَّوْجَةَ الأولى للسلطان “أَيْبَكَ”، وَأصْبَحَ “قطر” الحاكم الفعلى لمصْرَ، وَجَاءَهُ رُسُلُ التَّتَارِ وَقَائدهم “هولاكو” لتَسْتَسْلم مضر، والمصريونَ، فَقَتَلَ َقطْرُ رُسُلَ هُوَلَا كُو، وَأَعْلَنَ الْحَرْبَ على التتار.
فارسل “بيبرس” ومن معه من المماليك يعتذرون للأمير “قطر”، فعفا عنهم وحارب بيبرس بجانب قُطز وانتصروا على التتار في معركة عين جالوت، وفى طريق عودة الجيش المصرى مُنتَصرًا إلى مضـرقتل “بيبرس ” السُّلْطَانُ “قطر” خوفًا من انتقامه منهم. اتَّفَقَ أَمَرَاءُ المماليك عَلَى مُبَايَعَة “بيبرس” قائدًا لَهُمْ، وَلَقَبُوهُ بـ الملك الظاهر” وَأَجْلَسُوهُ عَلَى كُرْسى الملك.
اسْتَطَاعَ الملك الظاهرُ بيبَرْسُ بحَمْلَة عَسْكَريةِ الْقَضَاءَ عَلَى ثورة الأمير “علم الدين “سنجر” أمير حلب والَّذِي نَادَى بِنَفْسِهِ سُلْطَانًا على دمشقَ، وَتَمْتُ إعَادَةُ دمشقَ تَابَعَةً إلى مصر. كَمَا اسْتَطَاعَ الْقَضَاءَ عَلَى ثَوْرة “الكوراني” داخلَ مِصْرَ، وَهُوَ فَارسى الْأَصْلِ كَانَ يَهْدُفُ إِلى قلب نظام الحكم، كما استطاع بيبرس إحْيَاء الخلافة العباسية للمرة الثانية بالقاهرة، استقدم السلطان أَبَا الْعَبَّاسِ” وَلُقب بالخليفة “الحاكم بأمر الله”، وَالَّذِي قُتل فيما بَعْدُ وَهُوَ يُحاول بجيشه التغلب عَلَى جيش المغول.
وَشَهِدَ عَصْرُ “بيبَرْسَ” نَهْضَةً َمعْمَارية وَتَعْلِيمِيَّةً كبيرةً، وَذَلكَ بِإِنْشَاءِ الْمَدَارِسِ بِمِصْرَ وَدِمَشْقَ وَاهْتَمَّ بِتَجْدِيدِ الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ، وَأَنْشَأَ عام ٦٦٥ هـ ١٢٦٨م جَامِعًا عُرِفَ بِاسْمِهِ إِلَى الْيَوْمِ فِى الْقَاهِرَةِ وَهُوَ.
جامع الظاهر بيبرس” في حي الظاهر. وَقَدِ اسْتَطَاعَ “بيبَرْسُ ” أَنْ يُقِيمَ تَحَالُفَاتَ عَرَبِيَّةً وَأُورُوبِّيَّةً عَدِيدَةً لأَنَّهُ كَانَ يَسْتَعِدُ لِلْجِهَادِ ضَدَّ الْمَغُولِ، وَضِدُّ الصَّليبيِّينَ.
وَمَا أَنِ اقْتَرَبَ جُنُودُ “بيبَرْسَ” مِنْ أَسْوَارٍ عَكَّا حَتَّى بَدَأْوا بِهْجُومٍ اندِفَاعِيُّ كَبِيرٍ، وَاسْتُخدمَ المَنْجَنِيقُ بِكَثْرَةِ لَاشَاعَةِ جَوْ مِنَ الْخَوْفِ وَالدُّعْرِ فِي قُلُوبِ الصَّليبيينَ دَاخِلَ عَكَّا وَتَمْ فَتَحُ أَبْوَابِ الْقَلْعَةَ الحصينة، وأبلى جُنُودُ “بيبَرْسَ بَلَاءَ حَسَنًا، وَاسْتَطَاعُوا أَنْ يَقْتُلُوا الكثير مِنْ جُنُودِ وَفَرْسَانِ الْحِصْنِ، وَأَسْرَعَ الْكَثِيرُ مِنْ أُمَرَاءِ الصَّلِيمِيِّينَ إلى “بيبرس ” يَطلُبُونَ الصُّلْحَ، فَوَافَقَ عَلَى الصُّلْحِ مَعَ بَعْضِ الْإِمَارَاتِ وَرَفَضَهُ مَعَ بَعْض الْإِمَارَاتِ الْأُخْرَى، وَعَادَ “بيبَرْسُ إِلَى مِصْرَ مُحققًا انتصارات كبيرَةَ عَلَى الصَّليبيِّينَ.
وَأَقَامَ الملكُ الظَّاهِرُ “بيبَرْسُ” عَلَاقَاتِ مَعَ كُلِّ مِنْ بِلَادِ النُّوبَة وَالْحِجَاز، وَتُوتُسَ، وَغَيْرها من البلاد واهْتَم “بيبَرُسُ” بالعلوم والدين لإيمانه بأهمية الاعتماد عَلَى الْعِلْمِ بِاعْتِبَارِهِ السَّبِيلَ الوحيد للرقى والتَّقدم، كَمَا اهْتَم بالزُرَاعَةَ، وَأَيْضًا بِالصَّنَاعَة مثل صناعَة : السلاح والزجاج، وَالْخَزَفِ، وَالنَّسِيجَ وَكَذَلِكَ اهْتَم بالمرأة، وأمرَ الْحُكّام بالاهتمام بزوجاتهمْ، فَانْتَقَلَ هَذَا الاهْتِمَامُ إلَى الشَّعْب كَمَا اهْتَمَّ بالبريد وخاصَّةَ الْبَرِيدَ الْجَوَى عَنْ طَرِيق
الحمام الزاجل وتوفى الملك الظاهر “بيبَرْسُ ” وَهُوَ فى دمشقَ يَوْمَ الْخَميس ٢٧ من مُحَرَّم من عام ٦٧٦ هـ الموافق، مَايُو عَامَ ۱۲۷۷م وَدُفن في المكتبة الظاهرية في دمشقَ بَعْدَ حُكْم دَامَ ١٧ سنة، وَقَدْ بَلَغَ مِنَ الْعُمْر ٥٤ سَنَةً، وَتَوَلَّى الحكم من بعده أكبر أبنائه “ناصر الدين”، إلَّا أَنَّ أَوْلَادَ”بيبَرْس” لَمْ يَدُمُ لَهُمُ الْحُكْمُ طَوِيلًا.