جحا و ضوء المصباح
جحاو ضوء المصباح
موقع معلومات قيمة
ضَوْءُ الْمِصْبَاح
فِي لَيْلَةٍ شِتَوِيَّةٍ بَارِدَةٍ مُمْطِرَةٍ خَرَجَ جُحَا إِلَى الْمَفْهَى فَوَجَدَ بَعْضَ أَصْدِقَائِهِ يَرْتَعِشُونَ مِنَ الْبَرْدِ وَقَدْ تَغَطَّوْا بِثِيَابِهِمْ. فَضَحِكَ مِنْهُمْ جُحَا وَتَحَدَّاهُمْ بِأَنْ يَقِفَ طُولَ اللَّيْل تَحْتَ الْمَطَر .
فَقَالَ الأول: يَا جُحَا الْقُولَا ذِي أَنتَ لَنْ تَسْتَطِيعَ الْوُقُوفَ فِى الشارع . تَحْتَ الْمَطَرِ، إِذَا فَعَلْتَهَا يَا جُحَا سَتَفُوزُ بِوَلِيمَةٍ، بِشَرْطِ أَلَّا تَسْتَدْفِي بِأيِّ شُعْلَةِ نَارٍ وَإِلَّا سَتَدْعُونَا أَنْتَ يَا جُحَا .
فَرَدَ جُحَا أَنَا جُحَا الْفُولَاذِيُّ الَّذِي لَا يَظْهَرُهُ الْبَرْدُ!
وَقَفَ جُحَا طَوَالَ اللَّيْلِ فِي الْبَرْدِ الْقَارِسِ وَالْمَطَرُ يَنْهَمِرُ عَلَيْهِ. وَرَغْمَ إِحْسَاسِهِ بِبُرُودَةِ الطَّقْسِ إِلَّا أَنَّهُ تَحَدَّى أَصْدِقَاءَهُ؛ مُمَنْيا نَفْسَهُ بِمَأْدُبَةٍ مِنَ الدَّجَاجِ أَوِ اللَّحْمِ.
وَقَفَ جُحَايُحِدَّثُ نَفْسَهُ قَائِلاً: أُوهُ.. الْجَو بَارِدٌ حَقًّا اللَّعْنَةُ عَلَى الرِّهَانِ مَلَابِسِي ابْتَلَّتْ وَالْهَوَاءُ يَقْسِمُ الظَّهَرَ، وَأَخِيرًا اقْتَرَبَ الْفَجْرُ وَجُهَا الْقُولَاذِيُّ الَّذِي لَا يَفْهَرُهُ الْبَرْدُ سَيَقُوذُ بِوَلِيمَةٍ عَظِيمَةٍ.
اجْتَازَ جُهَا اللَّيْلَةَ الْبَارِدَةَ وَذَهَبَ فَرْحَانَ يُطَالِبُ أَصْحَابَهُ بِالْوَلِيمَةِ . لَكِنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنْ يَقُولُوا لَهُ: إِنَّهُ اسْتَدْفَأَ بِالْمِصْبَاحِ الْمُوقَدِ فِي آخِرِ الشَّارِعِ وَأَنَّهُ قَدْ خَسِرَ الرَّهَانَ!
قَالَ لَهُ أَحَدُهُمْ: لَقَدْ رَاكَ أَحَدُ الْجِيرَانِ تَسْتَدْفِئُ بِالْمِصْبَاحِ الَّذِي في آخِرِ الشَّارِع لَقَدْ خَسِرْتَ الرَّهَانَ يَا جُحَا! . لَا بُدَّ أَنْ تَدْعُونَا عَلَى الْغَدَاءِ وَلَا تَتَهَرَّبَ يَا جُحا . قَالَ جُحَا : كَيْفَ هَذَا يَا رِجَالُ ؟!! مِصْبَاحٌ فِي آخِرِ الشَّارِع يُدْفِتُنِي؟ أَيُعْقَلُ هَذَا؟
أَذْعَنَ جُحَا لِكَلَامِهِمْ وَأَحْضَرَ جُحَا قِدْرًا كَبِيرًا وَوَضَعَ فِيهِ اللَّحْمَ وَعَلَّقَهُ عَلَى شَجَرَةٍ فِي حَدِيقَتِهِ وَأَشْعَلَ شُعْلَةٌ صَغِيرَةً بَعِيدَةً تَحْتَهُ. ثُمَّ جَلَسَ يَنْتَظِرُ طَهُوَ الطَّعَامِ. وَجَلَسَ أَصْدِقَاؤُهُ دَاخِلَ الدَّارِ يَنتَظِرُونَ الْوَلِيمَةَ طَوِيلًا وَأَخِيرًا بَعْدَ سَاعَاتٍ ذَهَبُوا لِلْحَدِيقَةِ لِيَرَوُا الطَّعَامَ
وَسَأَلَهُ أَحَدُهُمْ: لِمَاذَا تَأَخَّرَ الطَّعَامُ يَا جُحَا؟ لَقَدْ تَضَوَّرْنَا جُوعًا.
قَالَ جُحَا أَنَا أَنْتَظِرُ حَتَّى يَنْضُجَ اللَّحْمَ عَلَى هَذِهِ الشَّعْلَةِ.
قَالَ أَخَرُ: كَيْفَ سَتَطْهُو هَذِهِ الشُّعْلَةُ الْبَعِيدَةُ اللَّحْمَ؟
قَالَ جُحَا سَتَطْهُو تِلْكَ الشُّعْلَةُ اللَّحْمَ ، كَمَا اسْتَدْفَأْتُ أَنَا عَلَى ضَوْءِ مِصْبَاحٍ فِي آخِرِ الشَّارِعِ ! قَالُوا جَمِيعًا لَقَدْ فَعَلْتَهَا وَسَخِرْتَ مِنَّا يَا جُحَا!
قُبُلَاتُ الْقَرْضِ
طَلَبَ رَجُلٌ قَرْضًا مِنْ جُحَا وَكَانَ مَعْرُوفًا عَنْهُ الْمُمَاطَلَةُ فِي رَدَّ الْمَالِ فَرَفَضَ جُحَا . فَلَمَّا أَلَحَ عَلَيْهِ الرَّجُلُ اشْتَرَطَ أَنْ يُقَبِّلَ يَدَهُ
أَمَامَ النَّاسِ سَأَلَهُ الرَّجُلُ : وَلِمَاذَا أُقَبلُ يَدَكَ يَا جُحَا؟
جحا لِأَنَّى سَأُقَبْلُ قَدَمَكَ حَتَّى تُعِيدَ إِلَيَّ مَالِي.
الْحَمَّالُ الْمُحْتَالُ
اشْتَرَى جُحَاجُوَالًا مِنَ الدَّقِيقِ وَاسْتَأْجَرَ حَمَّالًا لِيَحْمِلَ الْجُوَالَ نَظِيرَ دِرْهَمَيْنِ وَسَارَ أَمَامَهُ مُتَّجِهَا إِلَى الْمَنْزِلِ
قَالَ الْحَمَّالُ لِنَفْسِهِ : سَأَهْرُبُ مِنْ هَذَا الْمُغَفِّلِ وَأَبِيعُ الدَّقِيق. أَخَذَ الْحَمَّالُ يَتَأَخَرُ شَيْئًا فَشَيْئًا حَتَّى ابْتَعَدَ جُحَا، وَهَرَبَ الْحَمَّالُ بالدَّقِيقِ دُونَ أَنْ يَلْحَظَهُ جُحَا .
في الْمَسَاءِ… جَلَسَ جُحَا عَلَى الْمَقْهَى وَحَكَى لِصَدِيقِ لَهُ عَمَّا حَدَثَ لَهُ. وَفَجْأَةً وَجَدَ جُحَا الْحَمَّالَ الْمُحْتَالَ يَدْخُلُ الْمَقْهَى… فَاسْتَدَارَ بِسُرْعَةٍ يَتَخَفَّى مِنْهُ.
فَالدَهَشَ صَدِيقُهُ قَائِلًا: إذَا كَانَ هَذَا هُوَ الْمُحْتَالَ، فَهَيَّا لِتَقْبِضُ علَيْهِ !
قَالَ جُحَا لَا..لا .. اتْرُكْهُ حَتَّى لَا يُطَالِبَنِي بِأَجْرَتِهِ الدَّرْهَمْيَنِ!
سَأَلَ رَجُلٌ مُجحَا لِمَاذَا يَخْرُجُ النَّاسُ فِي الصَّبَاحِ فِي الْجَاهَاتٍ مخْتَلِفَةٍ يَا جُحَا؟
فَأَجَابَهُ جُحَا : لِكَيْ تُحَافِظَ الْأَرْضُ عَلَى تَوَازُنِهَا فَلَوِ اتَّجَهُوا إِلَى جهَةٍ وَاحِدَةٍ لَاخْتَلَّ تَوَازُنُهَا وَمَالَتْ !