خالد بن الوليد (بطل اليرموك)

       خالد بن الوليد


موقع معلومات قيمة


٢٠٢٣١٠٢٩ ١٩٥٤٥١وُلد خالد بن الوليد فى مكة المكرمة عام ٥٨٤ م، لأب شديد الثراء هُوَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ المَحْرُومِيُّ، وَأُمُّهُ هيَ لُبَابَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ الهلالية الصَّحَابِيَّةُ الْجَلِيلَةُ ، وَهِيَ – فِيمَا بَعْدُ – الْأُخْتُ الصُّغْرَى لَأُمَ الْمُؤْمِنِينَ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ الْهِلَالِيَّةِ زَوْجَةِ النَّبيِّ مُحَمَّدِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم.

تَعَلَّمَ “خَالِدٌ” الْفُرُوسِيَّةَ مُنْذُ صغره، مُبْدِيَا فِيهَا بَرَاعَتَهُ، مِمَّا جَعَلَهُ منْ أَفْضَل قادة فُرْسَانِ قَرَيْشٍ، وَكَانَ مُتَردّدًا فِي النَّظَرِ لِلْإِسْلَامِ، بَلْ وَحَارَبَ الْمُسْلِمِينَ فِى غَزْوَتَى “أحد” و “الْأَحْزَابِ، وَلَمْ يَشْهَدْ غَزْوَةَ بَدْرٍ لأَنَّهُ كَانَ فِي بلاد الشام عند وقوعها، وَلَكِنْهُ بَعْدَ تَفكير وتدبر ذَهَبَ لِيُعْلَنَ إسْلَامَهُ بَيْنَ يَدَى الرَّسُول صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَهْرٍ صَفَر للسَّنَة الثَّامِنَةِ الْهَجْريَّة.

وَظَهَرَ نُبُوغُ خَالد بن الوليد الْعَسْكَرِى عِنْدَمَا شَارَكَ كَجُنْدِي فِي غَزْوة “مؤتة” بأَرْضِ الشَّامِ وَقَدْ حَشَدَ لَهَا الرُّومُ مَا نَتَيْ أَلْفِ مُقَاتِل وَكَانَ عَدَدُ الْمُسْلِمِينَ لَا يَزيدُ عَلَى ثَلَاثَة آلاف مُقَاتِل ابلُوْا بَلاءَ مُنقَطِعَ النَّظِيرِ، وَاسْتُشْهِدَ قَادَةُ الْمُسْلِمِينَ الثَّلَاثَةُ زَيْدُ بن حَارِثَةَ، وَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالب”، وَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ، فَتَوَلَّى أَمْرَ الْجَيْشِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، فَنَجَحَ فِى الصُّمُود أمَامَ الْعَدُوِّ وَأَدْرَكَ أَنَّهُ فِي حَاجَةٍ إِلَى مَكِيدَةِ حَرْبيَّة تُلْقى الرُّعْبَ فِي قُلُوب الرُّوم، حتى يتجو

بجَيْشِ الْمُسْلِمِينَ بِأَقَلْ خَسَائِرَ مُمْكِنَةِ، فَقَامَ بِتَغْيِيرِ أَوْضَاعِ الْجَيْشِ فَجَعَلَ الْمَيْمَنَةَ مَيْسَرَةَ، وَالْمَيْسَرَةَ مَيْمَنَةً، فَظَنَّ الْأَعْدَاءُ أَنْ جَيْشَ الْمُسْلِمِينَ قَدْ وَصَلَهُ الْمَدَدُ فَأَصَابَهُمُ الرُّعْبُ، وَعِندَمَا الْتَقَى الْجَيْشان بَدَأَ جَيْشُ المُسلمين فى التَّرَاجُع قليلا ، وَلَمْ يَتْبَعْهُمُ الرُّومَانُ ظَنَّا منْهُمْ أَنَّ الْمُسلمينَ يَخْدَعُونَهُمْ وَيُدَبِّرُونَ المكيدَةَ لَهُمْ، وَاسْتَطَاعَ خَالِدُ بنُ الْوَلِيدِ أَنْ يَعُودَ بِالْجَيْشِ إِلَى الْمَدِينَةِ بِأَقَلْ خَسَائِرَ مُمْكِنَةِ وَسَمَّاهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ عَوْدَته بـ “سَيْفِ اللهِ الْمَسْلُول”.

وبعد أن لَحِقَ الرَّسُولُ الكَرِيمُ عَليه الصلاة والسلام بالرفيق الْأَعْلَى كَلفَهُ الخليفة أبو بكر الصديق بتجهيز جيش قوى المحاربة جيوش المرتَدينَ وَعَلَى رَأْسِهِمْ مُسَيْلِمَةُ الكَذَّابُ مُدْعِى النُّبُوَّةِ، فَهَزَمَهُ خَالِدُ في مَعْرَكَةِ الْيَمَامَة وَقَتَلَهُ، وهى من أكبر المعارك التي خاضها المُسْلِمُونَ ضدالمر تدين.

أما أكبر انجازات سيف الله المسلول على الإطلاق فهو انتصاره في معركة اليرموك على جيش الرومان الذى تكون من ٢٤٠ ألف مقاتل وكان جيش المسلمين ٤٠ ألف مقاتل واستمرت معركة اليرموك ستة أيام، وكان خالد يحارب بسبفين.

وَلَقَدْ بَهَرَتْ عَبْقَرِيةً “خالد” الْعَسْكَرِيَّةُ قَادَةَ الرُّومِ وَأَمْرَاءَهُمْ إلى دَرَجَة أَنَّ أَحَدَهُمْ وَاسْمُهُ “جرجة ” دَخَلَ فِى الْإِسْلَام عَلَى بد “خالد” وَحَارَبَ فِى صُفُوفِ المُسلِمينَ أَعْدَاء الْإِسْلَامِ، وَقُتِلَ لِيُصْبِحَ مِنْ شُهَدَاءِ الْمُسْلِمِينَ.

وَقَاتَلَتْ نِسَاء الْمُسْلِمِينَ مِنْ خَلف جيشهِنَّ، وَعَلَى رَأْسِهِنَّ حَوْلَهُ بِنْتُ الْأَزْوَر وَقَتَلْنَ عَدَدًا كبيرًا من الروم، وَكُنَّا يُحفَرْنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْقِتَالِ، وَيَرْجُرْنَ مَنْ يَتَقَاعَسُ مِنْهُمْ عَن القتال، ويُقَدِّمَنَ الْإِسْمَافات اللازمةَ لِجَرْحَى الْمُسْلِمِينَ.

وَفِي أَشْتَاءِ هَذِهِ الْمَعْرَكَةِ تُوُفِّيَ الْخَلِيفَةُ أَبُو بَكْرِ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَحَلَّ مَحَلَّهُ الخَليفَةُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الَّذِي أَرْسَلَ أَمْرًا بِعَزْلِ خالد بن الوليد من إمَارَة الْجَيْش، وتنصيب أبي عُبَيْدَةَ بن الجراح بَدَلًا مِنْهُ منْهُ، فَتَقَبَّلَ خَالِدٌ هَذَا الْأَمْرَبـصدرحب، وَنَفْس رَاضِيَة، وَلَكِنَّهُ أخفى  عَلَى الْجَمِيعِ هَذَا الْخَبَرَ حَتَّى انْتَهَتِ الْمَعْرَكَةُ،

وَانتَصَرَ الْمُسْلِمُونَ، عندئذ قَدَمَ فُرُوضَ الطَّاعَةِ وَالْوَلَاء لأبي عبيدة بنِ الْجَرَّاحِ الَّذِي تَعَجَبَ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ.

وَرَحلَ البطل إلَى بَلْدَة حمص فى سوريا، وفى أَحَدٍ أَيَّامٍ عَام ٦٤٢م. وَكَانَ قَدْ بَلَغَ مِنَ الْعُمْر ثَمَانِيَةَ وَخَمْسِينَ عَامًا وَافَتْهُ الْمَنيَّةُ، وَقَالَ وَهُوَ عَلَى فراش الموت: ” مَا فِى جَسَدِى مَوضعُ شبر إلَّا وَفِيهِ ضَرْبَةً سَيْف او سَهُم، أَوْرمية طَعْنَةً بِرُمْحٍ، وَهَا أَنَا ذَا أَمُوتُ عَلَى فِرَاشِي أَنْفِي حتف كَمَا يَمُوتُ الْبَعيرُ، فَلَا نَامَتْ أَعْيُنُ الْجُبَنَاءِ.

مات خالد بن الوليد وَلَمْ يَتْرُك ميرانا سوى سيفه وفرسه، هذه الْفَرَسُ التي شاركت صاحبها معظم انتصاراته، وقفت وعيناها عَلَى الْقَبْر وهي تُحرِّك رَأْسَهَا إلى أعلى وَإِلَى أَسْفَلَ مُلوحَةً لسيدها وبطلها، مُؤدِّيَةً لَهُ تَحيَّةَ الوداع.

٢٠٢٣١٠٢٩ ٢٠٥٦٤٢